اشار المبعوث الاميركي توم باراك الى ان الخوف من نزع سلاح حزب الله ومنع الحكومة اللبنانية من ذلك قد يؤدي لحرب أهلية، معتبرا بان عملية تخلي حزب الله عن سلاحه تبدأ بمبادرة من الحكومة اللبنانية.
ولفت توم باراك في تصريح له، الى ان الأسلحة التي نريد من حزب الله التخلي عنها هي تلك التي تهدد إسرائيل، ونحن لا نتعامل فقط مع حزب الله بل أيضا مع معسكرات فلسطينية مسلحة.
وشدد على ان الولايات المتحدة تنظر إلى حزب الله "منظمة إرهابية"، معتبرا بان الخريطة الطائفية في لبنان معقدة للغاية.
في السياق، قال إن "اللبنانيين من أذكى وأكثر الشعوب مرونة في العالم، لكن مع ذلك فشلت كل الاتفاقات بدءًا من اتفاقية الهدنة عام 1949، ومنذ البداية. ثم ننتقل عبر الزمن اتفاق 1967، اتفاق 1974، اتفاق الطائف. وإذا عدت إلى اتفاق الطائف، ستجد أنه يتطابق تقريبًا مع ما تفاوضت عليه نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس وفريقها ببراعة في اتفاق وقف الأعمال العدائية في تشرين الثاني الماضي. لكن كل تلك الاتفاقيات فشلت، ولم تنجح أبدًا، لأن "الوقود" لم يكن موجودًا في النظام. أعتقد أن حزب الله السياسي اليوم ينظر إلى الوضع ويقول: "منطقيًا، من أجل مصلحة شعبنا، يجب أن ينجح لبنان كوطن يضم السنة، الشيعة، الدروز، والمسيحيين جميعًا معًا والآن هو الوقت المناسب". لكن كيف نصل إلى هناك؟
يجب أن تكون إسرائيل جزءًا من هذا النقاش، ولا يمكن للبنانيين إجراء هذه المحادثات مباشرة بأنفسهم"، معتبرا أن "القانون الغريب في لبنان يمنع اللبنانيين من مجرّد الحوار مع الإسرائيليين. لذلك، ما فعلناه هو أننا أنشأنا فريق تفاوض رائع يعمل كوسيط، وأنا أعتقد أن هذا العمل يسير بشكل جيد، والجميع يتحلى بالمسؤولية ويسعون للمضيّ في هذا الاتجاه".
واضاف "فإذا ما حدث هذا إذا وافق مجلس الوزراء، والرئيس، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب على بلد واحد، أمة واحدة، جيش واحد، ووافق حزب الله تدريجيًا على التخلي عن أسلحته الثقيلة ونحن هنا لا نتحدث عن المسدسات الفردية، فكل شخص في لبنان يمتلك ما يعادل "مسدس .357"، كأنه يرتدي حزامًا. لكننا نتحدث عن الأسلحة التي قد تؤثر على إسرائيل. إذا حدث ذلك، فهذه عملية تحتاج إلى الجيش اللبناني (LAF)، الذي عليه أن يتولى جمع هذه الأسلحة. المشكلة هي أن الجيش لم يكن يتلقى رواتبه. إذًا، كل هذه العناصر يجب أن تتحقق معًا تمكين الجيش اللبناني، وهو يتمتع باحترام واسع في المجتمع اللبناني، ثم يبدأ بهدوء بالتفاوض مع حزب الله حول كيفية جمع الأسلحة، دون الدخول في حرب أهلية، لأن هذه الأسلحة مخزّنة في المرائب وتحت المنازل".
وسأل "ما هي القضايا التي تهم حزب الله؟ أولًا، وقف القصف. كيف نوقف القتال؟ هذا يقودنا إلى ما يُعرف بـ "النقاط الخمس الشهيرة. إسرائيل تحتل خمس نقاط في أراضٍ تُعتبر من الجنوب، بما في ذلك جنوب نهر الليطاني، والناس يريدون العودة إلى منازلهم ومعظمهم من الطائفة الشيعية، وجزء كبير منهم ينتمي إلى حزب الله. هؤلاء يريدون الحرية للعودة إلى منازلهم
دون أن يعيشوا تحت الخوف من هجوم جديد. إذًا، لديك وقف إطلاق نار، وهناك بعض مظاهر التطبيع وفق النقاط الخمس المتفق عليها. لكن متى ستشعر إسرائيل بالارتياح بأنها لن تتعرض لهجوم من حزب الله؟ أي الوصول إلى حالة "خفض التصعيد". وهنا تحتاج إلى ما نسميه دائمًا "الخطة ب". فما هو مستقبل الجنوب اللبناني؟ ما هو مستقبل حزب الله؟ هذا يتطلب تمويلًا وتطويرًا وبرامج تنموية في الجنوب، ودول الخليج مستعدة لتقديم هذا الدعم. من إعادة بناء البنية التحتية الكهرباء، المياه، الطاقة إلى تطوير المشاريع الصناعية، تأتي السعودية وقطر والآن الإمارات لتقول: "إذا تمكّنا من تهدئة الجميع، سنساعد في إعادة إعمار ذلك الجزء من لبنان وهذا أمر هائل. بعدها، يبدأ الأمل للطائفة الشيعية، التي يُمثّل جزءٌ منها حزب الله، لكن الجزء الآخر يحتاج إلى أن يشعر بأن هناك حماية وضمانات".
واوضح "في حال حدث خطأ ما، لدينا ما يسمى "الآلية" (The Mechanism). وهي كيان رائع، تم تصميمه ليكون الوسيط بين إسرائيل ولبنان، وبين كل الفصائل، إذا ما وقع خطبٌ ما. الآلية هي عملية عسكرية بالتعاون مع اليونيفيل (قوة الأمم المتحدة)،
فإذا قالت إسرائيل: "نعتقد أننا سنتعرض لهجوم، هناك صواريخ أو طائرات مسيّرة تنتقل من نقطة (أ) إلى نقطة (ب)"،
فهي تتصل بالآلية، والتي بدورها تتواصل مع الجيش اللبناني (LAF)، وتقول: "سنقوم بالتعامل مع الموقف". لكن كيف تتعامل معه من دون إشعال حرب أهلية؟ وهنا تكمن المشكلة أن تطرق الباب وتقول: "عذرًا سيدتي، لكن علينا إزالة الصواريخ الموجودة في مرآبك" الأمر معقد جدًا. لذلك ما قمنا به ومورغان كانت من بدأ هذا المسار هو تقديم سلسلة من الخطوات التدريجية، توضح كيف يمكننا الوصول إلى حل عملي. وسنساعد في تقوية الجيش اللبناني (LAF)، وسنساعد في فتح قنوات النقاش مع إسرائيل، لأننا بصراحة نعتقد أن إسرائيل تتعامل بإنصاف في نظرتها لهذه القضايا".
واكد اننا "سنقوم بإنشاء "الخطة ب" للطائفة الشيعية، وهي برامج تنموية وتمويلية تُضَخ في الجنوب مباشرة، ولا تمر عبر بيروت، ولا تضيع بسبب الفساد الذي كان موجودًا مع العلم أنني لا أعتقد أن القادة الحاليين فاسدون، لكن لبنان غارق في إرث طويل من الفساد السابق. مرة أخرى، لدينا إطار زمني محدود، تحدده بصراحة درجة صبر ترامب. ورغم ذلك، فإننا نعلم أن لديه قدرًا كبيرًا من التسامح. هو يحب لبنان بالمناسبة، وقد عبّر عن ذلك ولا أعتقد أن هناك رئيسًا آخر منذ دوايت آيزنهاور عبّر عن حبه وتقديره العلني للبنان كما فعل هو. لكن عليهم الآن أن يتجاوزوا خلافاتهم. فقط، عليهم أن يتحركوا. والحقيقة أنهم بدأوا بالفعل. هم يتفاعلون معنا بطريقة إيجابية، ولهذا قلت إنني متحمّس جدًا. ربما أشعر بخيبة أمل أحيانًا،لكنني متحمّس ومتفائل".
وفي ما خص الملف السوري، اعتبر باراك بان سوريا تحتاج إلى موارد لإعادة البناء بسرعة وهي بحاجة لدعم عالمي، وراى بان رفع العقوبات عن سوريا هو منح الناس الأمل.
واردف "تستضيف تركيا 4.5 مليون سوري، يتحدثون اليوم التركية والعربية، وعندما تُفتح الحدود وتُحكم السيطرة، سيكون لذلك تأثير هائل. السوريون تجار بالفطرة مثلهم مثل اللبنانيين، وإذا جمعت السوريين واللبنانيين والإسرائيليين سويًا، وانضمت أموال الخليج، ستشهد المنطقة حركة اقتصادية هائلة نحو الشرق".
وحول الحوار بين سوريا وإسرائيل فأشار الى أن "عندما رفع ترامب العقوبات، تبعه وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي قدم خمسة شروط رئيسية يجب على نظام الشعار الالتزام بها، وكان أحدها هو اتفاقات أبراهام. فلم يكن المقصود هو التوقيع الفوري على الاتفاقات، بل الإشارة إليها، أي هل يمكن تحقيق تطبيع بين سوريا وإسرائيل؟ وهذا، بطبيعته، يتطلب أيضًا تطبيعًا بين لبنان وإسرائيل، الأردن وإسرائيل، العراق وإسرائيل، وتركيا التي تقع في قلب كل هذا وهذه هدف ضخم".
ولفت الى أن "الأمم المتحدة فلديها تصنيفاتها الخاصة المتعلقة بالمنظمات الإرهابية الأجنبية، وبعض أعضاء مجلس الأمن قالوا وعن حق إنهم يريدون رؤية مزيد من التقدّم في القضايا التي تهمهم كأمم متحدة، بما في ذلك: كيفية معاملة الأقليات، نوع وشكل الدستور الجديد، مصير المقاتلين الأجانب"، لافتا الى أننا "نحن نتحدث عن 20 إلى 25 ألف مقاتل أجنبي، ومسألة دمجهم أو عدم دمجهم تُعد مصدر قلق حقيقي للجميع، وكذلك حقوق الأقليات. فلديك مثلاً: الدروز يريدون أن تكون لهم "أرض درزية"، والعلويون يريدون "أرضًا علوية"، والأكراد يريدون "كردستان". لكن ما تقوله سوريا، وما تقوله دمشق، هو أن ذلك لن يحدث. جميع الطرق تؤدي إلى دمشق، دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد – وهذا هو المسار الجاري الآن.
واضاف "لذا، فإن الأمم المتحدة، ومع بعض الشركاء المهمين، تقول: "نحن نستمع إليكم، لا يوجد عداء، نحن نحاول أن نفهم وتؤكد أن نحن بحاجة إلى وسائل ضغط لتشجيع الحكومة الجديدة على اتخاذ الخطوات الصحيحة، لقد تسلّموا السلطة منذ سبعة أشهر فقط، في نظام معقد للغاية، مليء بالغضب والعداوة".
وقال "أما عن القيود المفروضة على هيئة تحرير الشام وبعض كبار أعضاء نظام الشعار، فهي لا تزال قيد النظر. من الممكن رفعها جزئيًا، حيث يمكن لمجلس الأمن أن يمنح إعفاءً خاصًا في كل مرة يُقدَّم فيها طلب. لكن هناك رأيًا سائداً بين بعض الأعضاء مفاده أن رفع القيود بالكامل سيكون خطأً، فهم يريدون رؤية تقدم حقيقي في الأمور التي تهمهم، مثل: حقوق الأقليات، المقاتلين الأجانب، مخيمي الهول وروج، والنازحين هناك ما بين 20 إلى 25 ألف نازح يعيشون في المخيمات. الفكرة هي أن هؤلاء الأشخاص يجب أن يعودوا إلى منازلهم، لكن المشكلة أنهم لا يستطيعون حتى تهجئة كلمة "وطن"؛ لا يعرفون أين وطنهم أصلًا. فكيف تعيدهم في بلد مدمر، بينما أوروبا لا تريد عودتهم إليها، أولئك الذين كانوا جزءًا من نزاعاتها سابقًا؟ إنهم يتعاملون مع كل شيء وكأنهم يشربون من خرطوم إطفاء الحرائق (أي بسرعة وكثافة مفرطة)، وما نحاول جميعًا فعله هو توفير الموارد لهم كي يتمكنوا من النظر في الأمور، وتحليلها، دون أن نُملي عليهم ما يجب فعله بالضبط".